الثلاثاء، 8 نوفمبر 2016

السَّاركويد أو الغَرناوية sarcoidosis



السَّاركويد أو الغَرناوية sarcoidosis

 حالةٌ نادرة تُسبِّبُ ظهورَ بقع صغيرة من الأنسجة المتورِّمة والحمراء تُسمَّى الأورام الحُبيبيَّة granulomas، والتي تظهر في أعضاء الجسم؛ وتُصيبُ الرئتين والجلد عادةً.
تختلف أعراضُ الساركويد باختلاف العضو المصاب، إلاَّ أنَّها تتضمَّن عادةً ما يلي:
ظهور نتوءات أو كتل حمراء مؤلمة.
ضيق النَّفَس.
سعال مستمرّ.
تتحسَّن الأعراضُ عندَ الكثير من الأشخاص المصابين بالساركويد من دون معالجة خلال بضعة أشهر أو سنوات غالباً. ولا تكون الأعراضُ في هؤلاء الأشخاص شديدةً عادةً.
لكنَّ الأعراضَ تتفاقم عندَ بعض الأشخاص تدريجيَّاً مع مرور الوقت، إلى الدرجة التي تصبح فيها الحالةُ شديدة. وتُعرَفُ هذه الحالةُ بالساركويد المزمن chronic sarcoidosis.


الأعراض
يستحيل التنبُّؤُ بطريقة تأثير الساركويد في الشخص، حيث إنَّ الحالةَ قد تُصيبُ أيَّ عضوٍ في الجسم، وبذلك فالأعراضُ تختلف اختلافاً كبيراً باختلاف العضو المُصاب.
تظهر الأعراضُ عندَ معظم الأشخاص فجأةً، ولكنها تزول خلال بضعة أشهر أو سنوات عادةً، دون عودة الحالة. وتُعرَف هذه الحالةُ بالساركويد الحاد acute sarcoidosis.
لا تظهر أيَّةُ أعراض عند بعض الأشخاص على الإطلاق، وتُشخَّص الحالةُ عند إجراء صورة بالأشعة السينية X-ray للتحرِّي عن حالةٍ أخرى.
يجد قليلٌ من الأشخاص أنَّ الأعراضَ تظهر لديهم تدريجيَّاً، وتتفاقم مع مرور الوقت، إلى الدرجة التي تصبح فيها إصابتُهم شديدة. قد يتشكَّل الكثيرُ من الأورام الحُبيبيَّة في العضو، ممَّا يمنعه من القيام بوظيفته بشكلٍ طبيعي. وتُعرَف هذه الحالةُ بالساركويد المزمن.
ويُصيبُ الساركويد الرئتين والجلد والغدد اللِّمفية.
الأعراض الرئوية
تُصاب الرئتان بالسَّاركويد عند حوالي 90% من حالات الساركويد، حيث تُعرَف الحالة بالساركويد الرئوي pulmonary sarcoidosis.
ويكون العَرضان الرئيسيَّان لهذه الحالة هما ضيق النَّفَس والسعال المستمر الجافّ. ويُعاني بعضُ الأشخاص المصابين بالساركويد الرئوي من ألمٍ وانزعاجٍ في صدرهم، إلاَّ أنَّ هذان العَرضان ليسا شائعين.
الأعراض الجلدية
يُصاب الجلدُ بالساركويد عند حوالي 25% من حالات الساركويد.
وقد يؤدِّي ذلك إلى ظهور ندبات أو بقع مؤلمة حمراء على الجلد (خصوصاً على الظنبوب shins)، بالإضافة إلى طفحٍ جلديٍّ في الجزء الأعلى من الجسم.
أعراض أخرى
قد تظهر بعضُ الأعراض الأخرى إذا أُصيبت أعضاء أخرى بالحالة، مثل:
حدوث تورُّم مؤلم في غدد الوجه أو الرقبة أو تحت الإبط أو أعلى الفخذ (الأُربيَّة) groin.
شعور بالإنهاك مع شعورٍ عام بالانزعاج.
الشعور بألم في المفاصل.
احمرار أو ألم في العينين.
اضطراب في نظم القلب.
انسداد الأنف stuffy nose.
ألم في العظام.
تشكُّل حصيات كلويَّة.
الصداع.


الأسباب
يقوم جهازُ مناعة الجسم عادةً بمكافحة العدوى من خلال إطلاق خلايا دم بيضاء في الدم لعزل وتخريب الجراثيم. ويؤدِّي هذا إلى حدوث التهاب (تورُّم واحمرار) في أنسجة الجسم الموجودة في تلك المنطقة. ويكون لجهاز المناعة ردَّة فعلٍ مشابهة عند العثور على مادةٍ لم يستطع التعرُّفُ إليها، حيث يقضي عليها عند زوال العدوى.
ويُعتقدُ أنَّ سببَ حدوث الساركويد هو حدوث ردَّة فعل مُبالغ فيها من الجهاز المناعي، حيث يبدأ الجسم بمهاجمة أنسجته وأعضائه، ثمَّ يؤدي الالتهابُ الناجم إلى ظهور الأورام الحبيبيَّة في الأعضاء.
يوجد الكثيرُ من الحالات المشابهة، كالتهاب المفاصل الروماتويدي rheumatoid arthritis والذئبة lupus والناجمة عن مهاجمة الجسم لأنسجته. وتُعرَف هذه الحالاتُ مجتمعةً بحالات مناعيَّة ذاتيَّة autoimmune conditions.
ما زال سببُ قيام جهاز المناعة بهذا الفعل مجهولاً؛ حيث يُحتملُ أن تُحرِّض بعضُ العوامل البيئية الحالةَ عند الأشخاص الذين لديهم استعدادٌ وراثيٌّ لحدوث ذلك.
قد يحدث الساركويدُ عند أكثر من شخصٍ في العائلة الواحدة، إلاَّ أنّه ليس هناك دليلٌ على أنَّ هذه الحالةَ وراثيَّة. ولا تُعدُّ هذه الحالةُ من الحالات المُعدِية، لذلك لا يمكن أن تنتقلَ من شخصٍ لآخر.


الأشخاص المعرَّضون للإصابة
يمكن أن يُصابَ الأشخاصُ من جميع الأعمار بالساركويد، ولكنَّه يبدأ عندَ الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 20-40 عاماً عادةً. ومن النادر أن يُصابَ بها الأطفال.
تُصيبُ هذه الحالةُ الأشخاصَ من جميع الأصول العرقية، إلاَّ أنَّها أكثرُ شيوعاً عند الأشخاص من أصولٍ أفريقيَّة. كما أنَّ نسبة إصابة النساء بهذه الحالة أكبر من نسبة إصابة الرجال.


التشخيص
يمكن إجراءُ عددٍ من الاختبارات المختلفة باختلاف الأعضاء المصابة لتشخيص الساركويد؛ فإذا كانت الأعراضُ توحِي بالإصابة بالساركويد الرئوي (إصابة الرئتين بالساركويد)، فقد يُطلَب تصويرُ الصدر بالأشعة السينية أو بالتصوير المقطعي المحوسب computerised tomography (CT) scan للتحرِّي عن وجود علامات لإصابة الرئتين بالساركويد.
وقد يرغب الأطباءُ في بعض الحالات بالقيام بفحص الجزء الداخلي من الرئتين من خلال استعمال أنبوبٍ طويل ورفيع ومرن مع وجود ضوء وكاميرا في أحد طرفيه (منظار داخلي endoscope) يُمرَّرُ من خلال الحلق (تنظير القصبات). كما يمكن استئصالُ عينة صغيرة من نسيج الرئة في أثناء هذا الاختبار لدراستها تحت المُجهِر. وهذا ما يُعرَفُ بالخزعة biopsy.
وإذا اعتقد الأطبَّاء باحتمال إصابة أعضاءٍ أخرى بالساركويد، كالجلد أو القلب أو العينين، فيمكن إجراء صورٍ أو فحوصٍ لهذه المناطق للتحرِّي عنه عادةً.


المعالجة
لا يحتاج معظمُ الأشخاص المصابين بالساركويد إلى معالجة، حيث إنَّ هذه الحالةَ تزول من تلقاء نفسها خلال بضعة أشهرٍ أو سنوات عادةً.
يكون إحداثُ تغييراتٍ بسيطة في نمط الحياة مع استعمال مسكنات الألم من دون وصفة طبيية، كالباراسيتامول أو الإيبوبروفين، كافياً للسيطرة على الألم عند حدوثه غالباً.
يقوم الأطبَّاءُ بمراقبة الحالة للتحقُّق من تحسُّن الحالة أو تفاقمها دون استعمال المعالجة. ويمكن تطبيقُ ذلك من خلال إجراء صور منتظمة بالأشعة السينيَّة واختبارات التنفُّس والاختبارات الدموية.
الأدوية
إذا كانت هناك ضرورةٌ لاستعمال الأدوية، فيمكن استعمال أقراص البريدنزولون prednisolone (من الستيرويدات steroid) عادةً.
يُعدُّ اسنعمالُ الأدوية المعالجةَ الأكثر فاعليَّة للساركويد، حيث تساعد على تخفيف الأعراض ومنع تضرُّر الأعضاء المصابة، من خلال خفض شدَّة الالتهاب ومنع تندُّب الأعضاء.
لكنَّ الأدويةَ الستيرويدية قد تُسبِّبُ آثاراً جانبيَّةً مزعجةً، مثل زيادة الوزن وتغيُّرات المزاج، إذا كانت الجرعات المُستعملة مرتفعة. كما قد تظهر آثارٌ جانبية أخرى، مثل ضَعف العظام (هشاشة العظام osteoporosis)، إذا استُعملت هذه الأدوية لفترة زمنيَّة طويلة. لذلك، يقتصر استعمالُ هذه الأدوية على الحالات الضرورية فقط.
وقد تُستعمَل جرعةٌ مرتفعةٌ من الأدوية الستيرويدية في بداية المعالجة لفترة زمنية قصيرة، قبلَ استبدالها بجرعات منخفضة تُستعمل خلال الأشهر أو السنوات التالية. وسوف تُراقَبُ الحالةُ خلال هذه الفترة لمعرفة مدى التحسَّن الذي قدَّمته هذه المعالجة.
كما أنَّ استعمالَ مكمِّلات الكالسيوم أو فيتامين د قد يساعد على خفض مخاطر حدوث هشاشة العظام، والتي تنجم عن الاستعمال المديد للأدوية الستيرويدية في بعض الحالات؛ إلاَّ أنَّه ينبغي أن يكونَ استعمالها مقتصراً على توصية الطبيب. وقد يعاني بعضُ الأشخاص المصابين بالساركويد من زيادة في مخاطر حدوث المضاعفات في أثناء فترة استعمال الأدوية الستيرويدية، كتشكُّل الحصيات الكلويَّة.
يمكن استعمالُ أدوية بديلة أحياناً وذلك عندما تكون فعَّاليةُ الأدوية الستيرويدية غيرَ كافية، أو عند القلق من آثارها الجانبية. وقد يوصى في مثل هذه الحالات باستعمال الأدوية المثبطة للمناعة immunosuppressants، حيث إنَّ هذه الأدويةَ قد تساعد على تحسين الأعراض من خلال خفض فاعلية الجهاز المناعي.


التعايش مع الساركويد
يمكن للأشخاص المصابين بالساركويد اتِّباع نمط الحياة التالي:
إيقاف التدخين (بالنسبة للمدخِّنين).
تجنُّب التعرُّض للغبار والمواد الكيميائية والأبخرة والغازات السامَّة.
اتباع نظام غذائي صحِّي متوازن.
شرب كمية كبيرة من الماء.
الإكثار من ممارسة التمارين الرياضية ومن النوم.
وكذلك الانضمام إلى مجموعة دعم مرضى الساركويد.


المآل
قد تكون أعراضُ الساركويد غير مستمرَّة، ويمكن تدبيرها باستعمال مسكنات الألم من دون وصفة الطبيب، لذلك فهي لا تؤثِّر في حياة الشخص اليومية عادةً. وقد وجد معظم الأشخاص المصابين بهذه الحالة أنَّ هذه الأعراضَ تزول خلال بضع سنين من تشخيصها.
أمَّا بالنسبة لبعض الأشخاص المصابين بالساركويد، فإنَّ الحالةَ تتفاقم مع مرور الوقت لينتهي بها الأمر إلى الإضرار بالعضو؛ فمثلاً، قد تتوقف الرئتان عن العمل بالشكل الطبيعي، ممَّا يؤدِّي إلى زيادة عُسر التنفس

هناك تعليقان (2):